Quantcast
Channel: منتديات الطريق إلى الله
Viewing all articles
Browse latest Browse all 10188

خاطرة في البلاء والثبات

$
0
0
خاطرة في البلاء والثبات


بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد المرسلين وآله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
وبعد

إن البلاء قدر الله الذي لا يفر منه المؤمن بل هو علامة على صدقه وقربه من الله عزوجل وعمله للدين
وهو سنة الأنبياء والمرسلين يقول النبي صلى الله عليه وسلم " أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل " ففي الحديث
إشارة من النبي صلى الله عليه وسلم على أن أقرب الناس من الله وأرضا الناس لله من كان البلاء منه أقرب وعليه أشد , لأن الصدق والحب لا يظهران في الرخاء أبداً , فحب الرخاء بغض و صدق الرخاء كذب , حتى يأتي البلاء فيميز الله الخبيث من الطيب و الصادق من الكاذب , وإن الرسالات والعقائد والأفكار لا يمكن أن تصل القلوب بالكلمات فقط بل إن الأفعال عند الناس هي الميزان وهي أكثر أثراً
و أشد قبولاً و أنجع رسالة , يقول سيد قطب رحمه الله "إن كلماتنا ستبقى ميتتاً أعراساً من الشموخ لا حراك فيها جامدة , حتى إذا متنا من أجلها إنتفضت حية وعاشت بين الأحياء " , وأنظر لخباب رضى الله عنه عندما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم شاكياُ ما يصيبه من الأذى بسبب حمله للدين , فقعد النبي صلى الله عليه وسلم وهو غاضباً وهو يقول " إن فيمن كان قبلكم يؤتى بالرجل فيوضع المنشار على مفرق رأسه وينشر ما بين لحمه وعظمه فلا يرده ذلك عن دينه , ولكنكم تستعجلون " في الحديث إشارة إلى معناً آخر ألا وهو الصبر
وعدم الإستعجال في قطف الثمرة لأن الله تكفل بنصر دينه و رد أعداءه وشانئوه ,
وانظر سورة العنكبوت , إبتدئها الله بقوله " الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّاوَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ " يقول السعدي رحمه الله تعالى يخبر تعالى عن [تمام] حكمته وأن حكمته لا تقتضي أن كل من قال " إنه مؤمن " وادعى لنفسه الإيمان ، أن يبقوا في حالة يسلمون فيها من الفتن والمحن ، ولا يعرض لهم مايشوش عليهم إيمانهم وفروعه ، فإنهم لو كان الأمر كذلك ، لم يتميز الصادق من الكاذب، والمحق من المبطل ، ولكن سنته وعادته في الأولين وفي هذه الأمة ، أن يبتليهم بالسراء والضراء ، والعسر واليسر ، والمنشط والمكره ، والغنى والفقر ، وإدالة الأعداء عليهم في بعض الأحيان ، ومجاهدة الأعداء بالقول والعمل ونحو ذلك من الفتن التي ترجع كلها إلى :
* فتنة الشبهات المعارضة للعقيدة
*الشهوات المعارضة للإرادة
ثم ذكر سبحانه في ثنايا هذه السورة أعداء الرسل و الرسالة وكيف تحمل هؤلاء الرسل كل هذه البلايا لأجل
تبليغ الدين وهم أعز الناس على الله , فصبروا وكانت لهم العاقبة , ألم تقرأ قول الله تعالى عن عاد وثمود و فرعون وهامان وقارون " وعاد وثمود وقد تبين لكم من مساكنهم وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين ( 38 ) وقارون وفرعون وهامان ولقد جاءهم موسى بالبينات فاستكبروا في الأرض وما كانوا سابقين ( 39 ) فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ( 40 ) )


ثم أردف الله واصفاً كيدهم ومكرهم ومحاربتهم فقال " مثل الذين اتخذوا من دون الله اولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتاً وان اوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانو يعلمون " فوصف الله ظهر هؤلاء
الأعداء بأنه كبيت العنكبوت ما تلبث أن تهب به رياح الثبات فتجعله أثراً بعد عين و ماضٍ بعد حاضر , فأصحاب الرسل يعلمون علماً يقينياً أن الثبات على العقائد والأخلاق والمبادئ هي الزلزال الذي تطرب له الأرض لتبلع
في بطنها كل جبار عنيد كما طربت لأمر الله عندما خسفت بدار قارون و قارون وأمواله " فخسفنا به وبداره الأرض وما كان له من فئة ينصرونه وما كان من المنتصرين " ولا يمكن أن تزول هذه البيوت وتزلزل هذه العروش إلا بالثبات والتواصي به والصبر عليه قال الله تعالى في نهاية سورة العنكبوت " وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ " الذين جاهدوا فبلغوا من الجهد والإجهاد في تبليغ الحق والصبر في طريق ذلك والوقوف في وجه الظلم
بثبات الجبال حتى يعصف هذا الثبات ببيوت العنكبوت فتذهب الأولياء ويبقى الولي الجبار " قُلِ ادْعُواْ شُرَكَاءكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلاَ تُنظِرُونِ (195) إِنَّ وَلِيِّـيَ اللّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ "
كانت هذه خاطرة على عجل أسأل الله أن ينفع بها كل قائم بهذا الدين . .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين . . .




Viewing all articles
Browse latest Browse all 10188

Trending Articles